ظاهرة العنوسة
إن ظاهرة العنوسة في المجتمع وعزوف كثير من الشباب والفتيات عن الزواج له مضاره الخطيرة وعواقبه الوخيمة على الأمة بأسرها* سواء أكانت هذه الأخطار والآثار نفسية أم اقتصادية أم اجتماعية أم أخلاقية وسلوكية* لا سيما في هذا الزمان الذي كثرت فيه أسباب الفتن* وتوفّرت فيه السبل المنحرفة لقضاء الشهوة* فلا عاصم من الانزلاق في مهاوي الرذيلة والردى والفساد الأخلاقي إلا التحصّن بالزواج الشرعي. فالقضية إذًا ـ أيها الغيورون ـ قضية فضيلة أو رذيلة.
ومن المؤسف أن يصل بعض الشباب إلى سن الثلاثين أو أكثر* وهو لم يفكر بعد في موضوع الزواج* وما انفتحت أبواب الفساد إلا لما وضعت العراقيل أمام الراغبين في الزواج* بل بسبب تعقيد أمور الزواج* لا سيما مع غلبة ما يخدش الفضيلة* ويقضي على العفة والحياء* مما يُرى ويُقرأ ويُسمع* مع ألوان الفساد الذي قذفت به المدنية الحديثة* وحدِّث ولا كرامة عما تبثه القنوات الفضائية* والشبكات المعلوماتية التي تفجِّر براكين الجنس* وتزلزل ثوابت الغريزة* وتوَجَّه ضدَّ قيم الأمة وأخلاقها.
قال إبراهيم بن ميسرة رحمه الله قال لي طاووس: لتنكحن أو لأقولن لك ما قال عمر لأبي الزوائد: ما يمنعك من النكاح إلا عجز أو فجور.
إن هذه العبارة الجميلة تعطي معاني كثيرة ويقف المتأمل لأحوال عدم الراغبين في الزواج وقفة تدبر وتأمل وتعجب عند هاتين الكلمتين: عجز أو فجور* نعم إنه لا يعدل عن سنة الزواج وهو قادر على تكاليفه إلا من به عجز من الناحية الجنسية أو العجز عن السعي والكسب لمن يعول أو العجز عن التربية والتعليم لمن تأخر سنه إلى غير ذلك من أنواع العجز* أو الفجور والانحراف عن الطريق المستقيم لأن الفاجر لما يرى مسايرة الفاجرات مثله يشك في أنه سوف يرتبط بامرأة عفيفة* ولا يرضى مع فجوره أن تكون له امرأة شرعية وهي فاجرة مثله* فلذلك يعرض عن الزواج لفجوره وقضائه شهوته من الفاجرات وبالطرق الأخرى.
والعجز والفجور ينطبق على الجنسين* وقد انتشر في المجتمعات بسبب تأخر سن الزواج الذي له أسباب عدة منها ما ذكرناه ومنها ما هو نابع من كثرة التكاليف للوصول إلى الزواج الشرعي المباح* وفي المقابل سهولة الوصول إلى الحرام.
وإذا التُمست أسباب هذه الظاهرة نجد أن جملة منها لا تعدو أن تكون رواسب مرحلة تاريخية مرّت بها كثير من المجتمعات الإسلامية* أعقبها غزوٌ فكري كانت له آثار خطيرة على الأوضاع الاجتماعية في الأمة* مما أفرز عوامل نفسية وثقافية واقتصادية* منها ما يرجع إلى الشباب والفتيات* ومنها ما يرجع إلى الأولياء* ومنها ما يعود إلى المجتمع بأسره.
فأما الشباب والفتيات فبعضهم يتعلق بآمال وأحلام* وخيالات وأوهام* وطموحات ومثاليات* هي في الحقيقة من الشيطان* فبعضهم يتعلق بحجة إكمال الدراسة* زاعمين أن الزواج يحول بينهم وبين ما يرومون من مواصلة التحصيل* فمتى كان الزواج عائقًا عن التحصيل العلمي؟! بل لقد ثبت بالتجربة والواقع أن الزواج الموفق يعين على تفرغ الذهن* وصفاء النفس* وراحة الفكر* وأنس الضمير والخاطر* ونقولها بصراحة: ماذا تنفع المرأةَ بالذات شهاداتها العليا إذا بقيت عانسًا قد فاتها ركب الزواج* وأصبحت أيِّمًا لم تسعد في حياتها بزوج وأولاد* يكونون لها زينة في الحياة* وذخرًا لها بعد الوفاة* وكم من امرأة فاتها قطار الزواج* وذهبت نضارتها* وذبلت زهرتها* وتمنت بعد ذلك تمزيق شهاداتها* لتسمع كلمة الأمومة على لسان وليدها* ولكن بعد فوات الأوان* وكم هي الصيحات والزفرات الحرَّاء التي أطلقت من المجربات* فأين المتعقلات؟!
إن هذه المشكلة ومثيلاتها مردّها إلى غبش في التصور* وخلل في التفكير* بل لا نبالغ إذا قلنا: إنها إفراز ضعف المعتقد* وقلة الديانة* والخلل في الموازين* وسوء الفهم لأحكام ومقاصد الشريعة الغراء* مما يزعزع الثقة بالله* والرضا بقضائه وقدره.
إن حقًا على الشباب والفتيات أن يبادروا عمليًا إلى الزواج متى ما تيسر لهم أمره* وأن لا يتعلقوا بأمور مثالية* تكون حجر عثرة بينهم وبين ما ينشدون من سعادة وفلاح* ويقصدون من خير ونجاح* وأن لا يتذرعوا بما يُعبَّر عنه بتأمين المستقبل* فالله عز وجل يقول: وَأَنْكِحُواْ ٱلأَيَـٰمَىٰ مِنْكُمْ وَٱلصَّـٰلِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِن يَكُونُواْ فُقَرَاء يُغْنِهِمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [النور:32]* ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (لو لم يبق من أجلي إلا عشرة أيام* أعلم أني أموت في آخرها* ولي طول على النكاح لتزوجت مخافة الفتنة )* ويقول الإمام أحمد رحمه الله: "ليست العزوبة من أمر الإسلام في شيء* ومن دعاك إلى غير الزواج دعاك إلى غير الإسلام”
ومن الأسباب الخطيرة في انتشار هذه الظاهرة واستفحالها عضل النساء من زواج الأَكفاء* والرسول يقول: ((إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه* إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)) خرَّجه
الترمذي وابن ماجه والحاكم بسند صحيح.
فهناك بعض الأولياء ـ هداهم الله ـ قد خانوا الأمانة التي حُمِّلوها في بناتهم وفتياتهم* بمنعهنّ من الزواج من الأكفاء دينًا وخلقًا وأمانة* فقد يتقدم إليهم الخاطب الكفء فيماطلونه ويعتذرون له بأعذار واهية* وينظرون فيه إلى أمور شكلية وجوانب كمالية* ويسألون عن ماله ووظيفته ووجاهته ومكانته* ويغفلون أمر دينه وخلقه وأمانته.
وقد يكون المنع من قبل الولي أو لتدخل قصّار النظر من النساء والسفهاء والمنافقين والحاسدين لهذا الزوج بحجج فاسدة يقتنع بها الولي أو المرأة لئلا يتم ذلك الزواج كأن يقولوا: هذا كبير في السن* أو فقير* أو متدين متشدد* إلى غير ذلك مما يقدحون به في هذا الخاطب* وما آفته عندهم في الحقيقة إلا أنه لا يوافق مزاج أولئك السفهاء* وعندما يتم رد هذا الكفؤ بعد التفكير والتقدير وتداول الآراء الفاسدة يقولون الكلمة الأخيرة له: البنت قد خطبت* أو هي مخطوبة* أو شاورناها فأبت* أو البنت صغيرة* يقولون أقوالاً هي في الحقيقة كذب* فقد يأتي في اليوم الثاني أو بعد ساعات من يخطب من الفسقة أو كثير المال أو الذي يدخل مزاج هؤلاء الذين تدخلوا* فتتم الموافقة وترغم البنت على الزواج منه وهي لا ترضى به* فسبحان الله بين عشية وضحاها وخلال ساعات كبرت البنت وأصبحت مناسبة للزواج* بينما كانت مخطوبة عند الرد الكاذب للأول إذا هي غير مخطوبة للثاني* وبينما هي لم تشاور في الحقيقة على الخاطب الأول إذا هي ترغم على الثاني* انتكاس في الفطر* ويوم يتولى السفهاء زمام أمر النساء ولا يخافون الله ولا يحكمون شرعه عندها تضيع المسئولية وتهدر المصالح ويفسد الأمر* إنه يجب على ولي المرأة الرشيد الحازم إذا اقتنع من صلاحية الخاطب ورضيته المخطوبة أن يقدم على التزويج ولا يدع فرصة للمغرضين والعابثين والمفسدين
إن في منع المرأة من التزويج بكفئها في الدين والخلق بمثل هذه الأقوال الكاذبة معصية لله ورسوله وخيانة للأمانة وجناية من الولي على نفسه بمعصية الله ورسوله* وجناية على المرأة حيث منعها وعضلها من كفئها وفوّت عليها فرصة الزواج الذي هو عين مصلحتها* وأيضاً هو جناية على الخاطب حيث منعه من حق أمر الشارع إعطاءه إياه* فمثل هذا الولي تسقط ولايته على المرأة وتنتقل إلى من هو أصلح منه ولاية عليها من القرابة لدرجة أنه إذا عضلها الجميع فإن السلطان وليها والقاضي يزوجها* وهذا الولي الذي يتكرر منه العضل يصير فاسقاً ناقص الإيمان والدين* لا تقبل شهادته عند جمع من العلماء.
بل لقد وصل ببعض الأولياء الجشع والطمع أن يعرض ابنته سلعة للمساومة وتجارة للمزايدة والعياذ بالله* وما درى هؤلاء المساكين أن هذا عضل وظلم وخيانة* وقد تكون مدرِّسة وموظفة فيطمع في مرتبها* ألم يعلم هؤلاء بالاعترافات والقصص الواقعية لضحايا هذه الظاهرة؟! ألم يسمعوا الرسائل المؤلمة المفجعة التي سطرتها دموع هؤلاء؟! إنها صرخة نذير في آذان الآباء والأولياء* ورسالة عاجلة إليهم أن يتداركوا شرفهم وعفتهم وعرضهم قبل فوات الأوان. أين الرحمة في هؤلاء الأولياء؟! كيف لا يفكرون بالعواقب؟! أيسرُّهم أن تلطَّخ سمعتهم مما يندى له جبين الفضيلة والحياء؟! سبحان الله* كيف يجرؤ مسلم غيور يعلم فطرة المرأة وغريزتها على الحكم عليها بالسجن المؤبد إلى ما شاء الله؟! ولو عقل هؤلاء لبحثوا هم لبناتهم عن الأزواج الأكفاء* فهذا عمر رضي الله عنه يعرض ابنته حفصة على أبي بكر ليتزوجها* ثم على عثمان رضي الله عنهم أجمعين* وهذا سعيد بن المسيب رحمه الله يزوج تلميذه أبا وداعة* وهذا ديدن السلف في عصورهم الزاهية.
إن تضييق فرص الزواج علّة خراب الديار* به تُقضّ المضاجع* وبه تكون الديار بلاقع* وبه يقتل العفاف* وتوأد الفضائل* وتسود الرذائل* وتهتك الحرمات* وتنتشر الخبائث والسوآت.
فيا أيها الأولياء* اتقوا الله فيمن تحت أيديكم من البنات* بادروا بتزويجهن متى ما تقدم الأكفاء في دينهم وأخلاقهم* ((إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)).
وعضل النساء ورَدُّ الأكفاء فيه جناية على النفس* وعلى الفتاة* وعلى الخاطب* وعلى المجتمع برمّته* والمعيار كفاءة الدين* ((فاظفر بذات الدين تربت يداك))
وسبب آخر لا يقل أهمية عن سابقه* ألا وهو مشكلة غلاء المهور والمبالغة في الصداق في بعض الأوساط* حتى صار الزواج عند بعض الناس من الأمور المستحيلة* وبلغ المهر في بعض البقاع حدًا خياليًا* لا يطاق إلا بجبال من الديون التي تثقل كاهلَ الزوج.
ويؤسف كلَّ غيور أن يصل الجشع ببعض الأولياء أن يطلب مهرًا باهظًا من أناس يعلم الله حالهم* لو جلسوا شطر حياتهم في جمعه لما استطاعوا* فيا سبحان الله* ءَإلى هذا الحد بلغ الطمع وحب الدنيا ببعض الناس؟! وكيف تُعرض المرأة الحرة الكريمة المحصنة العفيفة سلعة للبيع والمزايدة وهي أكرم من ذلك كله؟! حتى غدت كثيرات مخدَّرات في البيوت* حبيسات في المنازل* بسبب ذلك التعنت والتصرف الأرعن.
إن المهر في الزواج وسيلة لا غاية* وإن المغالاة فيه لها آثار سيئة على الأفراد والمجتمعات لا تخفى على العقلاء؛ من تعطيل الزواج* أو الزواج من مجتمعات أخرى مخالفة للمجتمعات المحافظة* مما له عواقب وخيمة* فربّ لذة ساعة تعقبها حسرات إلى قيام الساعة.
ولم يقف الجشع ببعض الناس عند هذا الحد* بل تعداه إلى ما هو أبعد من ذلك مما هو خروج عن منهج السلف الصالح رحمهم الله* يقول الفاروق رضي الله عنه: (ألا لا تغالوا في صداق النساء* فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا* أو تقوى في الآخرة* لكان النبي أولاكم بها )* وقد زوج النبي رجلاً بما معه من القرآن * وقال لرجل: ((التمس ولو خاتمًا من حديد )) وتزوج عبد الرحمن بن عوف على وزن نواه من ذهب.
وعامل مهم في رواج هذه الظاهرة ألا وهو ما أحيطت به بعض الزيجات * من تكاليف باهظة* ونفقات مذهلة* وعادات اجتماعية وتقاليد وأعراف جاهلية فرضها كثير من الناس على أنفسهم* تقليدًا وتبعية* مفاخرة ومباهاة* إسرافًا وتبذيرًا* فلماذا كل هذا يا أمة الإسلام؟!
فاتقوا الله عباد الله* وتناصحوا فيما بينكم* وتعقلوا كل التعقل في حلِّ قضاياكم الاجتماعية* لا سيما قضايا الزواج* ولا تتركوا الأمر بأيدي غيركم من السفهاء. والدعوة موجهة للمصلحين والوجهاء والعلماء والأثرياء وأهل الحل والعقد في الأمة أن يكونوا قدوة لغيرهم في هذا المجال* فالناس تبع لهم. وعلى وسائل الإعلام بكافة قنواتها نصيب كبير في بث التوعية والتوجيه في صفوف أبناء المجتمع* لعلاج هذه المشكلات الاجتماعية الكبيرة واختفاء هذه الظواهر الخطيرة.
وأنتم أيها الإخوة والأخوات* يا من ابتليتم بهذه الظاهرة* صبراً صبراً* وثباتاً واستعفافاً* ورضاً بقضاء الله وقدره* وعملاً بالأسباب الشرعية* وفتحاً لآفاق الآمال الكبرى* فما عند الله خير وأبقى.
وأنتم أيها الآباء والأولياء* الأمل فيكم كبير* إننا لمتفائلون كل التفاؤل أن تفتحوا قلوبكم* وتستجيبوا لما فيه صلاح أنفسكم وأبنائكم ومجتمعاتكم* وكان الله في عون العاملين المخلصين لما فيه صلاح دينهم وأمتهم.
وبعد تشخيص الداء يأتي وصف الدواء.
وإن الحل والعلاج لظاهرة العزوبة والعنوسة في المجتمع يكمن في تقوية البناء العقدي في الأمة* والتربية الإيمانية للأجيال من الفتيان والفتيات* وتكثيف القيم الأخلاقية في المجتمع* لا سيما في البيت والأسرة* ومعالجة الأزمات والعواصف والزوابع التي تهدد كيان المجتمع* وتيسير أمور الزواج* وتخفيف المهور* وتزويج الأكفاء* وترسيخ المعايير الشرعية لاختيار الزوجين* ومجانبة الأعراف والعادات والتقاليد الموروثة والدخيلة* وتحقيق التعاون بين أبناء المجتمع* وكذا قيام وسائل الإعلام بواجبها التربوي والتوجيهي. ينبغي العناية بجمعيات إعانة الشباب على الزواج والدلالة عليه* ومنحها فرصاً كبرى في أداء مهمتها العظمى* وكذا دعم ذوي اليسار لها* وأن يكون الوجهاء قدوة لغيرهم في هذا المجال* وكذا الاهتمام بالقضايا الاجتماعية عبر مؤسسات خيرية كبرى وهيئات خيرية عليا.
وثمَّت موضوع في علاج هذه الظاهرة* ألا وهو ضرورة أن تعيد المجتمعات النظر في قضية تعدد الزوجات على حسب الضوابط الشرعية* ومراعاة الحكمة التشريعية* فمن للعوانس والأرامل والمطلقات ؟! إنه تعدد المودة والرحمة والإحسان والعدل* لا الظلم والتسلط والحيف والجور* لا سيما للزوجة الأولى* وكم يُسمع من الشكاوى في ذلك* وقد قال : ((من كان له زوجتان فمال إلى إحداهما دون الأخرى جاء يوم القيامة وشقه مائل)) أي ساقط. رواه أحمد وأصحاب السنن
إنه ينبغي التفكير وإعادة النظر وإمعانه في هذه القضية الخطيرة التي غزت مجتمعنا وأن يعمل كل فرد منا في البحث عن الحلول المناسبة* كل بحسبه. وأسوق إليكم قصة ترويها أستاذة جامعية نشرتها إحدى الصحف قبل أربعين سنة تقريباً* ونحن مع ذلك لا زلنا نخوض التجارب التي قد مرَّ بها غيرنا ولم نستفد منها* وأورد ذلك استشهاداً ليكون الجميع على بصيرة من أمرهم:
جاء في الصحيفة: أستاذة جامعية في إنجلترا وقفت عام 1961م أمام مئات من طلبتها وطالباتها تلقي خطبة الوداع بمناسبة انتهاء خدمتها من التدريس* قالت:
أنا قد بلغت الستين من عمري وصلت فيها إلى أعلى المراكز* نجحت وتقدمت في كل سنة من سنوات عمري* وذكرت أشياء إلى أن قالت: هل أنا سعيدة الآن بعد أن حققت كل هذه الانتصارات؟
لقد نسيت في غمرة انشغالي في التعليم والتدريس والسفر والشهرة أن أفعل ما هو أهم من ذلك كله بالنسبة للمرأة .. نسيت أن أتزوج وأن أنجب أطفالاً وأن أستقر. إنني لم أتذكر ذلك إلا عندما جئت لأقدم استقالتي* شعرت في هذه اللحظة أنني لم أفعل شيئاً في حياتي* وأن كل الجهد الذي بذلته طوال هذه السنوات قد ضاع هباءً* وتمضي في كلامها إلى أن تقول: لو كنت قد تزوجت وكوّنت أسرة كبيرة لتركت أثراً أكبر وأحسن في الحياة* إن وظيفة المرأة الوحيدة هي أن تتزوج وتكوِّن أسرة* وأي مجهود تبذله غير ذلك لا قيمة له في حياتها هي بالذات* إنني أنصح كل طالبة تسمعني أن تضع هذه المهام أولاً في اعتبارها وبعدها تفكر في العمل والشهرة. انتهى كلامها.
منقول